×

Our award-winning reporting has moved

Context provides news and analysis on three of the world’s most critical issues:

climate change, the impact of technology on society, and inclusive economies.

علاج تحويل المثلية: محظور على فيسبوك... إلا في العالم العربي

Friday, 17 September 2021 13:45 GMT

أحد الحاضرين يلتقط صورة لافتة خلال مؤتمر F8 للمطورين الذي نظمته شركة فيسبوك في سان خوسيه، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، 30 نيسان/ أبريل، 2019. رويترز / ستيفن لام.

Image Caption and Rights Information

لا يزال المحتوى المتعلق بما يعرف بـ “علاج تحويل المثلية" ينتشر كالنار في الهشيم بين المستخدمين العرب على فيسبوك، الذي بات منصة ترويجية تتيح للمعالجين التوجه إلى ملايين المتابعين عبر حسابات موثقة

* يحظر فيسبوك المنشورات التي تروج لممارسات مثيرة للجدل

* تم حظر المحتوى باللغة الإنكليزية، لكن المنشورات العربية آخذة في التزايد

* يقول المعالجون إن فيروس كوفيد-19 عزز دور قنوات التواصل

* يطالب ناشطو مجتمع الميم برقابة مشددة على المحتوى واتخاذ الإجراءات اللازمة

 

بقلم آفي آشر- شابيرو ومايا جبيلي

3 حزيران/ يونيو (مؤسسة تومسون رويترز) – خلال نشأته في بلدة مصرية صغيرة خارج القاهرة، بدأ عمر يشعر بانجذاب جنسي تجاه رجال آخرين. وخوفًا من التحدث إلى عائلته أو أصدقائه، لجأ إلى فيسبوك طلبًا للمساعدة، متسترًا خلف اسم مستعار لإخفاء هويته الحقيقية.

يعد البحث عبر وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات والمشورة وسيلة شائعةً بين الشبان والشابات الذين يعيشون في مجتمعات عربية محافظة ويعتقدون أنهم مثليون.

ولكن قد يقودهم هذا البحث إلى معالجين ورجال دين ومؤثرين يعِدونهم بـ "علاج بلاء" المثلية الجنسية من خلال ما يسمى بعلاج التحويل - وهي ممارسات تهدف إلى تغيير التوجه الجنسي للشخص أو هويته الجنسية.

ويقول عمر، 24 عامًا، الذي طلب استخدام اسمه الأول فقط لأنه لا يزال يعيش في المنزل ولم يعترف بميوله لأسرته بعد: "قادني فيسبوك إلى علاج التحويل، ولم أكن أنا الوحيد".

عندما كان عمر مراهقًا، عثر على حساب أوسم وصفي، الذي يتابعه على فيسبوك نحو 150 ألف شخص، والذي يؤكد أن جلساته يمكن أن "تعالج" المثلية الجنسية.

ورفض وصفي طلبات عدة للتعليق على الموضوع.

قرأ عمر منشورات وصفي، وتواصل مع متابعين آخرين، وفي نهاية المطاف، بدأ يخضع لجلسات مع معالج آخر وجده عبر فيسبوك، الذي فرض العام الماضي حظرًا عالميًا على أي محتوى يروج لخدمات مماثلة.

ويقول عمر لمؤسسة تومسون رويترز عبر الهاتف: "لم أبدأ برحلة بحث عن علاج، أردت فقط أن أفهم، هل هذا طبيعي؟".

لكن بعد شعوره بالتهديد من طريقة استجواب المعالج له، قرر إيقاف الجلسات، واصفًا ذلك بالهروب بأعجوبة.

ويضيف عمر، وهو الآن ناشط يدير مجموعات عربية عدّة على فيسبوك أنشأها ناشطو مجتمع الميم: "أنا محظوظ لأن ما يسمى بالطبيب لم يكن عنيفًا تجاهي. فكان بالتأكيد لديه القدرة على ذلك".

 

التعذيب والمعاملة السيئة

في السنوات الأخيرة، فرضت دول عدة، من بينها البرازيل والإكوادور وألمانيا، حظرًا كليًا أو جزئيًا على علاج التحويل، الذي يمكن أن يشمل العلاج بالتحدث والتنويم المغناطيسي والصعق بالكهرباء والصيام.

وفي تموز/ يوليو عام 2020، خلُص خبير خاص للأمم المتحدة إلى أن علاجات التحويل - التي طالما رفضها المجتمع الطبي - يمكن أن ترقى إلى حد التعذيب والمعاملة القاسية عند إجرائها قسرًا.

وعلى الرغم من التدقيق العالمي المتزايد، لا يزال علاج التحويل قانونيًا في معظم الدول بما في ذلك العالم العربي، حيث غالبًا ما يتعرض أعضاء مجتمع الميم إلى الاضطهاد أو التمييز.

وفي دول عربية عدة، لا تعتبر المثلية الجنسية غير قانونية حصرًا، لكن يقول ناشطون إن الشرطة غالبًا ما تضطهد المواطنين المثليين متذرعة بقوانين أخرى، كتلك المتعلقة بـ “الفحش العلني".

تقول مجموعات مجتمع الميم المحلية في مصر، إن المعالجون الذين يقدمون خدمات العلاج التحويلي يعدون جزءًا من نظام رعاية الصحة العقلية.

وبعد حظره للمحتوى الذي يروج لعلاج التحويل، اتخذ فيسبوك إجراءات ضد العديد من مروجي علاج التحويل باللغة الإنكليزية.

لكن لا يزال المحتوى المتعلق بعلاج تحويل المثلية ينتشر كالنار في الهشيم بين المستخدمين العرب على فيسبوك، الذي بات منصة ترويجية تتيح للمعالجين التوجه إلى ملايين المتابعين عبر حسابات موثقة.

وإلى جانب المنشورات السابقة غير المحجوبة رغم حظرها، يفيض فيسبوك بمنشورات جديدة تدعو إلى العلاج، ويبدو أن المعالجين أنفسهم لا يزالون قادرين على الترويج لخدماتهم بحرية.

يقول المدير التنفيذي لإحدى المجموعات المطالبة بحقوق المثليين في مصر، طالبًا عدم كشف هويته بسبب طبيعة عمله الحساسة: "من خلال تجربتنا، وجدنا أن هذه المنشورات تقريبًا لا تُحذف على الإطلاق، بغض النظر عما تنص عليه القواعد".

وتشير متحدثة باسم فيسبوك عبر بريد إلكتروني في هذا السياق إلى أن "المحتوى الذي يقدم بصراحة أو يعرض تقديم منتجات أو خدمات تهدف إلى تغيير الميول الجنسية للأشخاص أو هويتهم الجنسية، يتعارض مع معايير مجتمع فيسبوك ولا يُسمح به على منصتنا".

وزودت مؤسسة تومسون رويترز فيسبوك بأكثر من اثني عشر مثالًا على منشورات ترويج علاج التحويل التي لا تزال موجودةً على المنصة، بما في ذلك منشور لوصفي يروج من خلاله لحدث عبر تطبيق "زوم" يتحدث فيه عن "علاج" المثلية الجنسية. فأزال فيسبوك بعدها معظم تلك المنشورات، بما في ذلك منشور وصفي.

وأردفت المتحدثة نفسها أن منشورات أخرى قد خضعت للمراجعة ووجد فيسبوك أن بعض المحتويات لا تنتهك معاييره. وقالت الشركة إن حساب وصفي "لا يتضمن انتهاكات فعلية حتى الآن"، ولا يزال الحساب فاعلًا.

ولم يذكر فيسبوك، وهو شبكة التواصل الاجتماعي الأكثر استخدامًا في العالم العربي، سبب استمرار ظهور منشورات ترويجية لعلاج التحويل باللغة العربية، بما في ذلك بعض المنشورات التي أبلغ ناشطو مجتمع الميم فيسبوك بها.

 

"خطر على المجتمع"

أعدت مجموعة مجتمع الميم العربية "عنخ" العام الحالي، جدول بيانات يتضمن أكثر من 50 منشورًا وصفحة وفيديو تروج لعلاج التحويل، نصفها من فيسبوك والنصف الآخر من موقع يوتيوب أو مواقع أخرى.

روّج كثير منها لخدمات علاج التحويل في ما وصفوه بمؤسسات طبية، وقدموا تفاصيل الاتصال.

وكان البعض الآخر عبارة عن مقاطع فيديو حصدت حوالي 3 ملايين مشاهدة.

وتقول الباحثة المصرية في مجتمع الميم نورا نورالله: "إذا كنت أحد الوالدين ولا تتحدث إلا العربية، ستفتح فيسبوك، وستبحث عن المعلومات، وما ستراه هو منشورات من أشخاص يدعون أنهم أطباء، وأن هذا مرض يمكن علاجه".

وانتشر مقطع فيديو، بعد حظره على المنصة، يشجع الآباء الذين يعتقدون أن أطفالهم مثليون على "احتجازهم" في المنزل إلى حين حصولهم على المساعدة لأنهم يشكلون "خطرًا على المجتمع".

وقال فيسبوك في 27 أيار/ مايو إنه أزال الفيديو بعد تلقيه رابطًا من مؤسسة تومسون رويترز، إلا أن الفيديو ظل على المنصة اعتبارًا من 3 حزيران/ يونيو.

خضع طه متولي، ناشط مصري من مجتمع الميم ساعد في إعداد قاعدة بيانات عنخ، لعدة جلسات علاج مع هبة قطب، أخصائية علاج جنسي مصرية لديها أكثر من مليوني متابع على حسابها الموثق على فيسبوك.

ولم يرد فيسبوك على طلب للتعليق حول حساب قطب.

وخلال جلسات العلاج، الذي يقول متولي إنه خضع إيها منذ قرابة العقد من الزمان، أجرت قطب فحصًا شرجيًا - وهي تجربة وصفها بالصادمة.

وتخبر قطب مؤسسة تومسون رويترز أنها تجري فحوصات شرجية بموافقة المريض، كجزء من "التقييم الجنسي".

ويقول متولي إنه يشعر بقلق حيال ازدياد شعبية قطب على فيسبوك في السنوات التي تلت محاولة معالجته، باعتبار أنها تنشر مقاطع فيديو بشكل منتظم لملايين المتابعين.

تصف قطب فيسبوك على أنه "قناة" رئيسية للتفاعل مع المرضى، خاصة أثناء جائحة كوفيد-19، وتقول إنها عيّنت موظفين للرد على الاستفسارات عبر هذا الموقع.

وتضيف: "عالجت ما لا يقل عن 3000 حالة من المثليين في جميع أنحاء العالم العربي"، مدعيةً "نسبة نجاح تصل إلى 100٪".

وتقول إنها تجري حاليًا علاج تحويل عبر الإنترنت لـ 30 شخصًا، موضحةً أن فيسبوك لم يزل أيًا من منشوراتها المتعلقة بهذا الأمر كما لم يرسل إليها أي تحذير حتى الآن.

وفي شباط/فبراير الماضي، نشرت مقطع فيديو على فيسبوك يروج لخدمات علاج التحويل الخاصة بها، حيث قالت إن المثلية الجنسية ناتجة عن إساءة معاملة الأطفال. وحصد الفيديو، الذي لا يزال موجودًا على صفحتها، 1.7 مليون مشاهدة.

وقالت المتحدثة باسم فيسبوك إن حساب قطب لا يتضمن أي "انتهاكات فعلية".

 

"لعبة اضرب الخلد"

يستخدم فيسبوك الذكاء الاصطناعي والموظفين، من بينهم المتحدثون باللغة العربية، لمراقبة المحتوى الذي قد ينتهك قواعده.

يقول ماثيو شوركا الناشط في مجتمع الميم في الولايات المتحدة الذي عمل مع فيسبوك حول هذه القضية، إن معالجي التحويل تعلموا استخدام عبارات غير مباشرة مثل "الانجذاب غير المرغوب فيه لنفس الجنس" التي قد لا يرصدها فيسبوك على الفور.

وقال "إنها مثل لعبة اضرب الخلد. فهم يغيرون اللغة والتكتيكات باستمرار."

محبطين من رد شركة التكنولوجيا العملاقة، نشرت 28 مجموعة من مجتمع الميم ومجموعات الدفاع حقوق المرأة في الشرق الأوسط رسالة في آذار/ مارس الماضي تحث فيسبوك، إلى جانب تطبيق مشاركة الصور إنستغرام، وكذلك تويتر ويوتيوب، على كبح جماح "الأفكار المغلوطة" في المنشورات المتعلقة بعلاج التحويل باللغة العربية.

وقال متولي إن فيسبوك نظم ورش عمل مع مجموعات مجتمع الميم لشرح سياساته، لكنه رفض طلبهم بإنشاء صفحة مخصصة لمواجهة المعلومات المضللة.

وقالت المتحدثة باسم فيسبوك: "لا نزال منفتحين على الاقتراحات المستقبلية وسنواصل العمل مع أعضاء مجتمع الميم في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسنظل ندعمهم".

وفي الوقت الراهن، تحاول مجموعات مجتمع الميم المحلية التي تعاني من شح الموارد سد الفجوة – أي إغراق صفحات العلاج بالتعليقات أو الإبلاغ عن المنشورات بشكل جماعي.

وقالت المديرة التنفيذية لإحدى المنظمات في مصر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن هذه مهمة شاقة.

وأوضحت: "سيكون من الصعب علينا جمع كل المنشورات والإبلاغ عنها – فالمنصة واسعة للغاية".

وقال متولي إن أقل ما يمكن أن يفعله فيسبوك هو إرفاق المحتوى الواعد "بعلاجات" بملصقات تحذيرية، كما هو الحال مع المنشورات غير الدقيقة التي تتطرق إلى مواضيع مثل فيروس كوفيد-19 أو الانتخابات.

"لما لا يمكننا الحصول على ذلك؟ هذا محتوى خطير للغاية بالنسبة إلينا - ولكن لا يبدو أنها أولوية بالنسبة إلى فيسبوك."

مواضيع ذات صلة:

تفسير- ما هو علاج تحويل المثلية ولماذا هو مثير للجدل؟

نيوزيلندا وكندا تتحركان لحظر علاج تحويل المثلية

"سوف أقتلك": ناشطو مجتمع الميم يدعون فيسبوك للإسراع في اتخاذ إجراءات حول بخطاب الكراهية في العالم العربي

( إعداد آفي آشر-شابيرو AASchapiro ومايا جيبيلي GebeilyM؛ تحرير من قبل ليندسي غريفيثس وهيلين بوبر؛ يرجى الإشارة إلى مؤسسة تومسون رويترز، الذراع الخيرية لتومسون رويترز، التي تغطي حياة أولئك الذين يكافحون من أجل العيش بحرية وعدالة في جميع أنحاء العالم. قم بزيارة http://news.trust.org)

معاييرنا: مبادئ الثقة في تومسون رويترز.

Our Standards: The Thomson Reuters Trust Principles.

-->